آجر الجريد : تراث حي ومهارات متعدّدة

تسعى المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بمعية المعهد الوطني للتراث للعمل على إعداد ملف إدراج آجر الجريد في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي للإنسانية.ويعتبر الاستعمال المكثف للآجر في البناء والزخرفة أكبر خصوصيات عمارة بلاد الجريد، بل أصبح أحد العناصر الأساسية المشكلة لشخصية هذه المنطقة وهويتها. وإن استعملت هذه المادة في الجريد منذ القديم، إلا أن انتشارها بدأ مع نهاية العصر الوسيط. وقد أشادت المصادر التاريخية كثيرا بالزخارف المحلّية لواجهات المنازل والمعالم والتي تعبّر عن تحضّر متجذّر وذوق رفيع. وتتجلى أهمية هذا العنصر في ارتباطه بمعارف ومهارات وممارسات متعدّدة بدءا بهندسة الأفران ومرورا باستخراج الطين وتحضيره ووصولا إلى استعمال الآجر في البناء والزخرفة.  

وباعتماد تعريف اليونسكو، يقصد بالتراث الثقافي اللاّمادّي “الممارسات والتصوّرات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات – وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافيّة – التي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد جزءا من تراثها الثقافي. وهذا التراث الثقافي غير المادّي المتوارث جيل عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرّة بما يتّفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها. وهو ينمّي لديها الإحساس بهويّتها والشعور بإستمراريتها ويعزّز من ثمّ احترام التنوّع الثقافي والقدرة الإبداعيّة البشريّة”.

وبالتّالي فماهيّة التراث الثقافي اللاّمادّي لا تتحدّد بمحتوياته الإتنوغرافيّة ، بقدر ما تتعيّن بآليّات استمراره واستخدامه. فهو عبارة عن كيان في سيرورة لا تنقطع، لأنّه ملتصق بحملته من الذوات الجماعيّة الخاضعة لقانون التغيّر وفقا لمقتضيات الواقع.

ويرتكز إعداد ملف “أجر الجريد” على مقاربة تشاركية تجمع هيئات رسمية ومنظمات غير حكومية وخبراء وجامعيين وأصحاب المهن المرتبطة بالآجر. وفي هذا الإطار سيتم قريبا عقد ندوة سيقع خلالها طرح منهجية العمل والسبل المتبعة لإعداد الملف.